المنحة كأسلوب غير الديمقراطي عند وضع الدستور
المنحة كأسلوب غير الديمقراطي عند وضع الدستور
تتعدد
طرق وضع الدساتير التي تناولها التاريخ
الدستوري للدول، حيث تتعدد صور تلك الدساتير، ولذلك لا يوجد نموذجا واحدا ثابتا من
تلك الطرق ، وإنما تختلف من بلد إلى أخرى حسب الفلسفة التي تعتنقها كل دولة على
المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ...الخ فسوف نستعرض في
البداية الأسلوب غير الديمقراطي في وضع الدستور (أسلوب المنحة)
اولاً: مفهوم المنحة كطريقة لوضع الدستور:-
يعنى
بصورة المنحة كطريقة لوضع الوثيقة الدستورية بأنه الطريقة يصدر الدستور بالإرادة
المنفردة للحاكم ملكاً أم إمبراطوراً فرداً كان أم جماعة. وعلي ذلك لا يرتبط أسلوب
المنحة بالأنظمة الملكية وحدها, هذا من ناحية, ومن ناحية أخرى فأن مباشرة الحكم من
أكثر من شخص لا تغير طبيعة الدستور الذي انفردت المجمعة الحاكمة بإنشائه
ثانياً: تنازل الحاكم عن بعض سلطاته ويمنح
شعبه دستوراً :
من
المتصور أن يصدر الحاكم دستور دولته تلقائياً وبمحض إرادته دون أن يُجبر على ذلك
ويضرب الفقه المثل على الحاكم الفرد الذي تنازل عن بعض سلطاته لصالح شعبه بملء
إرادته وكامل حريته بدستور ولاية بافاريا عام 1818.
وإذا
استثنينا الحالات الشاذة التي يخرج فيها حاكم من رحم التاريخ ويتنازل عن بعض
امتيازاته بمحض إرادته، فإن تجارب التاريخ علمتنا أنه لا يوجد حاكما مطلقاً تنازل
عن سلطته طواعية واختياراً، وإنما كان هذا التنازل يتم في العادة تحت ضغط الشعب
ورغبة من الحاكم في تجنب قيام ثورة شعبية تطيح بنظام حكمه، فيلجأ الحاكم في مواجهة
تيار السخط الشعبي إلى أسلوب المنحة حتى ينقذ نظام حكمه بأسلوب يحافظ على كرامته
ويصونها
ثالثاً: هل يمتلك الحاكم استرداد الدستور بعد
منحه
أجاز
بعض الفقه الدستوري سحب الدستور في الفرض المطروح, ما لم يكن الحاكم قد تنازل عن
حقه في استرداد منحته, كما هو الحال في دستور 1814 الذي أصدره لويس الثامن عشر, إذ
قرر في مقدمته هذا الدستور لشعبه بصورة دائمة
ولكن
الغالبية من الفقهاء : تري أن الدستور بمجرد صدروه يتعلق حق الشعب به بحسبانه عودة
إلى الأصل المقرر وهو سيادة الشعوب وأن الحق إذ يعود إلى صاحبه الأصلي لا يمكن أن
يسحب منه وبعد ذلك أو يسترد
رابعاً: النظام الدستوري الذى يتخذ الدستور
فيه شكل منحة
إن
جوهر المنحة هو استئثار الحاكم بوضع الوثيقة الدستورية، يستوى في ذلك أن يكون هذا
الحاكم ملكاً أم إمبراطوراً.
ويُفهم
من ذلك أن أسلوب المنحة لا يرتبط بالأنظمة الملكية وحدها فطالما وُجد النظام
الفردي، وُجدت معه الأرض الخصبة لنشأة دستور المنحة.
ويُطرح
التساؤل حول إمكانية صدور دستور المنحة في الفرض الذي يباشر فيه أكثر من شخص مقاليد
الحكم.
بتأمل
جوهر المنحة نلحظ أن مباشرة الحكم من أكثر من شخص "لا تغير طبيعة الدستور
الذي انفردت المجموعة الحاكمة بإنشائه فمادام الشعب تم تغيبه عن عملية الإنشاء،
فإننا ما زلنا بصدد دستور المنحة حتى لو صدر هذا الدستور من قبل مجموعة من
الأشخاص.
ويُعد
دستور دولة الإمارات العربية المتحدة لعام 1971 نموذجاً لدستور المنحة الصادر بناء
على اتفاق بين حكام الإمارات فهذا الاتفاق انعقد بين أعضاء الهيئة الحاكمة، ولم
يتعد أثره إلى الشعب الذي أُبعد عن المساهمة في إرساء قواعد نظام حكمة
التسميات: البحث القانوني, الحقوق والحريات, القانون الدستوري, القانون العام, المحكمة الدستورية, دراسات قانونية, دروس قانون
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية