10/09/2020

المساهمة الجنائية

 



المساهمة الجنائية 

مقدمة:

المسلم به أن الجرائم لاتكون مرتكبة دائما من طرف إنسان بمفرده فتقع عليه المسؤولية الجنائية وحده بل قد ترتكب من طرف عدة أشحاص فتقع عليهم المسؤولية كلهم وهذا ما أدى إلى ما سمي بالمساهمة والمشاركة في الجريمة،اي المساهمة الجنائية ،وقد تكون المساهمة الجنائية مساهمة أصلية ومساهمة تبعية.

المبحث الأول

المساهمة الجنائية والمشاكل التى تثيرها

      إن المفاهيم والتحريات المتعلقة بالمساهمة الجنئية تعددت واختلفت في التمييز بين المساهمة الأصلية والمساهمة التبعية محاولة منها تحديد نطاق كل منهما.

المطلب الأول

 تعريف المساهمـة الجنائيـة، أركانها وأنواعها

            المساهمة الجنائية ضرب من ضروب الجرائم الجماعية، وهى تلك التى تفترض لوقوعها تداخل او لوجود  عدة اشخاص، ولقد اختلفت التشريعات في تنظيم أحكامها غير أن هذه التشريعات اتفقت فيما يخص أنواع المساهمة الجزائية  

أولا: تعريف المساهمة الجنائية:

      يقصد بالمساهمة الجنائية تعدد الفاعلين في الجريمة الواحدة أي في نفس الجريمة وهي بهذا أن الجريمة المرتكبة لم ترتكب فقط من طرف فرد واحد، وإنما ارتكبت من طرف عدة أشخاص لكل منهم دور قام به، وهذا الدور يتفاوت من فاعل للآخر

      ولإعتبار الجريمة مرتكبة من عدة أشخاص لابد أن يكون هناك رباط معنوي يجمع بينهم في جريمة واحدة وإلا تعددت الجرائم بتعددهم وألحقت بكل واحد منهم جريمة متميزة، وليست لزاما في هذا الرباط المعنوي أن يتخذ صورة التفاهم المسبق بين عدة أشخاص على ارتكاب الجريمة وقد يكون تعدد الجناة ضروري إذ لا يتصور وجود جريمة قانونا إلا إذا تعدد الفاعلون فتكون المساهمة في هذه الحالة ضرورية مثل جريمة الرشوة، إذ لا بد من وجود الراشي والمرتشي وكذلك جريمة الزنا، وقد يكون تعدد الفاعلون عرضيا أي أنه من الممكن وقوع جريمة دون حاجة إلى تعدد الجناة. والجريمة يمكن أن تكون تامة، وقد توقف أي لا تصل إلى النتيجة وهو ما سمي قانونا بالشروع أو المحاولة، والمشرع يعاقب على الجريمة عندما تكتمل أركانها بغض النظر عمن يرتكبها، ولكي تكون مساهمة جزائية يجب أن تكون مساهمة جزائية يجب أن تكون جريمة واحدة مقترفة من عدة أشخاص.

ثانيا: أركان المساهمة الجزائية:

      تقوم المساهمة الجزائية بتعدد المساهمين وبوحدة الجريمة.

1- عدد المساهمون:

      معناه إن كان الفاعل بمفرده فلا حالة تعدد المساهمون في الجريمة وإذا تعدد تبعا لها الجناة بحيث ألصقت كل جريمة بفاعل تكون في حالة جرائم متعددة بتعدد مرتكبوها، وينعكس هذا على المسؤولية والعقاب، ولو افترضنا أن هذه الجرائم ارتكبت في زمان واحد أومكان واحد ولباعث واحد يلزم أن تكون الجريمة الواحدة قد ساهم في إحداثها عدد من الفاعلين

 2- وحدة الجريمة:

      يعني وحدة الركن المادي للجريمة بعناصره المتمثلة في السلوك والنتيجة السلبية وتتطلب هذه الوحدة النتيجة التي تحققت إلى كل فعل صدر عن المساهمين في نفس الجريمة، أي أن يكون الفاعلون قد تعددوا في ارتكابهم لجريمة واحدة.

لا تتحقق وحدة الجريمة إلا إذا جمعت بين عناصرها وحدة مادية ووحدة معنوية.

أ- الوحدة المادية للجريمة:

      قد تختلف وتتعدد أفعال المساهمين ولكنها تلتقي لتحقيق واقعة إجرامية واحدة، بحيث يؤدي كل فعل منها دوره في إحداث النتيجة ولا تقوم وحدة الجريمة من الناحية المادية إلا إذا تحققت وحدة النتيجة الإجرامية وارتباط كل فعل من أفعال المساهمين بتلك النتيجة برابطة السببية، وهذه الرابطة لا تنتهي بفعل المساهم والنتيجة الاجرامية 

ب- الوحدة المعنوية للجريمة:

      إن المساهمة الجنائية تتطلب إضافة على الوحدة المادية للجريمة توافر الرابطة المعنوية أي أن تتحقق لدى الفاعلون رابطة معنوية ذهنية واحدة ولا تتوافر هذه الرابطة إلا إذا كان بين المساهمين اتفاق أو تفاهم مسبق على تنفيذ الجريمة

فإذا تحقق هذان الشرطان فإننا نكون أمام مساهمة جنائية لمجموعة من الجناة في جريمة واحدة ، قد تكون أدوارهم في الجريمة متساوية، وقد يكون فعل احددهم رئيسيا دون أفعال الآخرين ، و حينئذ يكون عندنا فاعل أصلي  وشركاء له وأما في حالة التساوي فإننا نكون أمام مساهمة جنائية

ثالثا- أنواع المساهمة الجنائية:

      إن المساهمة الجنائية تنقسم إلى نوعين:

1- المساهمة الأصلية:

      تعد المساهمة الأصلية في الجريمة بتعدد الجناة الذين ارتكبوا جريمة واحدة أي أن الفاعلين قاموا بأدوار أساسية في ارتكاب ذات الجريمة فالمساهمة الأصلية قد تقوم وحدها فتحقق بالنسبة لجريمة معينة دون أي مساهمة تبعية، فيرتكب الجريمة أكثر من فاعل. إذن فهي الجريمة التي يتعدد فيها المجرمون في مرحلة التنفيذ المادي للجريمة وبالتالي منهم من يقومون بدور رئيسي في تنفيذ ركنها المادي ومن كان دوره رئيسي في الجريمة تسمى مساهمته أصلية والمساهمة الأصلية نوعان.

أ- المساهمة الأصلية المادية:

      وتتفرع إلى الركن المادي لها، فهو يقتصر على الفعل الذي يرتكبه المساهم الأصلي دون النتيجة الإجرامية التي تترتب على أفعال المساهمين الأصليين وعلاقة السببية بين نشاط كل واحد منهم، وهذه النتيجة إذ أن الركن المادي والركن المعنوي للمساهمة الأصلية المادية يخضعان للقواعد العامة، أما الفعل المقترف من طرف المساهم الأصلي فهو الذي يتميز في المساهمة الأصلية بقواعد خاصة اختلفت التشريعات في الفقه والقضاء في شأنها في نطاق كل تشريع، والركن المعنوي للمساهمة الأصلية في الجريمة يتخذ صورة القصد الجنائي أو الخطأ غير العمدي.

ب- المساهمة الأصلية المعنوية:

      إن هذه المساهمة في الجريمة لا تقل من حيث خطورتها عن المساهمة الأصلية المادية إذا كان الفاعل في المساهمة الأصلية المادية يظهر على مسرح الجريمة متحملا مسؤوليته في الجرم المقترف، فإن الفاعل في المساهمة الأصلية المعنوية يحقق إجرامه عن طريق شخص آخر مستقلا بنيته أو عدم تميزه.

2- المساهمة التبعية:

      وهي المساهمة التي يتعدد فيها المجرمون في مرحلة قبل التنفيذ المادي للجريمة، أي هي مرحلة التفكير والإصرار على ارتكاب الفعل المجرم وهم على هذا لا يقومون بدور رئيسي، وإنما بدور ثانوي أوتتبعي ويسمون على هذا الأساس الشركاء في الجريمة

تباينت الاتجاهات الفقهية فى تأصيل المسئولية الجنائية للمساهم التبعى،ويمكن حصرها فى أربعة

      أولها ينادى بمبدأ الاستعارة الإجرامية المطلقة، ومضمونه أن الشريك يستمد إجرامه من إجرام الفاعل الأصلى . 

    كما ذهب رأى آخر إلى الأخذ بالاستعارة الإجرامية النسبية، بأن الشريك يستعير الصفة الإجرامية من الفعل الإجرامى الذى يأتيه المساهم الأصلى. 

      وهناك اتجاه ثالث يعتبر الاشتراك جريمة مستقلة ، ويقوم هذا الاتجاه على فكرة تعادل الأسباب ، بان الجريمة ثمرة عدة أسباب متعادلة من حيث قيمتها السببية، ولما كانت أفعال المساهمين متعادلة فى إحداث النتيجة ، فمن ثم يتعين اعتبار كل منهم فاعلا لجريمة خاصة مستقلة عن جريمة غيره من المساهمين .

      وقد تأخذ المساهمة التبعية العديد من الصور منها الاتفاق ، التحريض ، او المساعدة

المطلب الثانى

المشاكل التي تثيرها مسألة المساهمة الجنائية 

 

و هذه الإشكالية تثور حول إمكانية دور كل مساهم فيها تحديد مسؤوليته و هو ما نتج عمه عدة آراء عديدة منها :

أولا : نظام التوحيد بين المساهمين :

و يرى أصحاب هذا الرأي انه ليس من المنطق أن نميز ونفرق بين أعمال الجناة ، فكل مساهم مسؤولا مسؤولية كاملة عن الجريمة باعتباره فاعلا ، أي أن هذا الرأي استبعد كل تفرقة بين الفاعل و الشريك.

و قد تعرض هذا الرأي إلى النقد رغم و وضوحه، لأنه يتعارض مع أهداف المعاملة العقابية و التي تحدد معاملة كل شخص على أساس دوره و خطورته الإجرامية.

ثانيا: ضرورة التمييز بين الفاعل و الشريك في المساهمة الجنائية :

أخذت به العديد من التشريعات الوضعية عموما ، إذ من غير المنطقي أن يتساوي فعل من يقوم بدور رئيسي في تنفيذ الجريمة مع فعل من يقوم بدور ثانوي فيها ، و عليه فان المساهمين في الجريمة ينقسمون إلى فئتين : فاعلين أو مساهمين أصليين و شركاء أو فاعلين تبعيين

 


التسميات: , , , ,

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية