المساواة في الإسلام
المساواة في الإسلام
المقدمة
اتفقت كلمه المسلمين علي أن مصدر الأحكام الشرعية والأوامر التكليفية
إنما مصدرها هو الله سبحانه وتعالى . واتفقوا كذلك علي أنه لا حاكم إلا الله ولا
حكم إلي ما حكم الله تعالى به. وهذا هو رأي المسلمين قاطبة, وهو الرأي الذي نطقت
بها اتجاهات الفكر الإسلامي بأنواعها المختلفة, فلقد أقر الجميع أن العقل لا حكم
له, وإن اختلفت هذه الاتجاهات الفكرية في إمكانيات العقل.
حيث يظل الإنسان دائماً وفي كل مكان بحاجة إلى مبادئ السماء الموجودة
في القرآن الكريم ، والسنة النبوية لتحقيق السعادة والأمن والسلام في الأرض . قال
تعالى : ( ونزّلنا عليك الكتاب تبياناً لكلّ شيء وهدىً ورحمةً وبشرى للمسلمين) ، وقال تعالى : ( ما فرّطنا
في الكتاب من شيءٍ ثم الى ربهم يحشرون).
وعلى الرغم من تعدد الأسس التي يقوم عليها الدين الإسلامي الحنيف، والتي
لا يتسع المقام إلى ذكرها جميعا ، إلا اننا سوف نتناول مبدأ المساواة باعتباره
أساس رئيسي في الإسلام وأحد دعائمه بتقسيم دراستنا على أربعة فروع ، على النحو
التالي
الفرع الاول : مبدأ المساواة أصل العقيدة
الفرع الثاني : مبدأ المساواة بين جميع البشر
الفرع الثالث: مبدأ المساواة في التقاضي بين الخصوم
الفرع الرابع: مبدأ المساواة في العقوبة
الفرع الاول
مبدأ المساواة أصل
العقيدة
مبدأ المساواة من أهم المبادئ الإنسانية التي يحرص الإسلام على تأكيدها
والتمسك بها، ودعمها في مختلف نواحي الحياة المختلفة على الصعيد السياسي
والاجتماعي والثقافي والاقتصادي ...الخ ، إذ لا ينبغي أن تقوم في المجتمع البشري
أي فوارق نابعة من اختلاف الأصل أو النوع أو اللون أو العقيدة الدينية ...الخ
فالشريعة الإسلامية جاءت كدين وحضارة ،تعاليم وسلوك ، عقيدة وفلسفة .
واساس عقيدته ان العظمة لله وحده ، فلا اله سواه ، ولا معبود غيره ، بذلك نزه
الإنسان عن عبادة الاصنام والاوثان ،بل وعن الخضوع والخشوع لأخيه الإنسان . واساس
حضارته الاخوة الإسلامية ،فلا تفرقة لحسب او نسب ،ولا لجنس او لون .والمسلم اخو
المسلم ، ولا فضل لعربي على اعجمي الا بالتقوى.([4])
وعلى ذلك يعتبر مبدأ المساواة أحد الأصول الهامة في العقيدة الإسلامية، ودعامة رئيسية من دعائمه، فالإنسان هو خليفة الله في الأرض.، وتعد
المساواة من أهم خصائص المجتمع الإسلامي دون تمييز بين الناس بسبب ( دينهم أو
لغتهم أو جنسهم أو حرفتهم ومهنتهم )، فهي شريعة تخاطب البشر أجمعين لقوله تعالى
:" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا
، إن أكرمكم عند الله اتقاكم "
كما يدلل كذلك على ضرورة الالتزام بالعدل قوله تعالى " أن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والبغي ...."وقوله تعالى " وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل "
الفرع الثاني
مبدأ المساواة بين
جميع البشر
لقد حرص الإسلام على تقريره لمبدأ المساواة ، فقرر أن جميع بني
الإنسان سواسية بحسب خلقهم الاول وعناصرهم الاولى، وأنه ليس هناك أي تفاضل في
إنسانيتهم وإنما يجرى التفاضل بينهم على اسس خارجة عن الإنسانية نفسها ،على اسس
كفايتهم واعمالهم وما يقدمه كل منهم لربه، ومجتمعه، ونفسه، والإنسانية جمعاء
ولقد جاءت المساواة فى الإسلام
بصفة مطلقه وشامله، يلتزم بها المسلمون وغير المسلمون، يخص الأصدقاء
والأعداء على السواء، هو العدل المثالى بين الناس جميعاً مهما تختلف أجناسهم
وديارهم، ولا أثر للطبقية ولا للجاه أو السلطان أو القرابة مكان معه
وعلى ذلك يعد الإنسان بصفة عامة أيا كان جنسه، أو لونه، أو مكانته السامية،
هو أساس لمبدأ المساواة ، حيث كرم الله جل
شأنه الإنسان، وجعله سيداً على كوكب الارض، حيث لم يحظ مخلوق من مخلوقات الله بذات
العناية مثلما حظى به بني الإنسان، فقد ارسل الله إلى الإنسان جميع رسله، وأنزل
عليه كتبه، واسجد له ملائكته، وسخر له كافة المخلوقات، وكرمة بنعمة العقل، وسلاح العلم،
وحرية الاختيار، كما رفعت منزلة الإنسان على كافة الكائنات كل ذلك في سبيل
الاهتمام إعلاء مبدأ "إنسانية الإنسان" فلم يجد الإنسان الاهتمام الكافي
بإنسانيته مثل ما وجده في الإسلام، ولا عجب في ذلك الأمر، وذلك لأن الإسلام يعد
دين العزة، والكرامة ،والعدالة، والمساواة، وقد شهد بذلك خصوم الإسلام قبل انصاره
في العديد من مؤتمراتهم وابحاثهم وكتبهم
ويمتد جسر مساواة الرجل بالمرأة ،وهو ما يؤكده صلى الله عليه وسلم
بقوله صلى الله عليه وسلم " إن النساءَ شقائقُ الرجال"،حيث
تعد المرأة في الإسلام شأنها شأن الرجل تماماً فهما متحدان في صفة الإنسانية.
الفرع الثالث
مبدأ المساواة في
التقاضي بين الخصوم
ففي النظام القضائي أمر الإسلام بالمساواة ، واعتبره العدل المثالي
بين الناس جميعاً مهما اختلفت أجناسهم، فقد ساوى عمر رضى الله عنه بين على
رضى الله عنه ويهودي، ولقد أمر سيدنا عمر
بن الخطاب رضى الله عنه أبا موسى الأشعري حين بعثه قاضياً بالتسوية بين الخصوم فى
كتابة الشهير بقولة (...آس بين الناس فى وجهك وجلسك وقضائك حتى لا يطمع شريف فى
حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك )
وكذلك أمرنا الإسلام بتحقيق المساواة بين الخصوم فى المعاملة :ينبغي للقاضي العادل أن يساوى بين الخصمين ،فلا يميز بينهما لأى سبب كان ،فيجب أن يجلسهما معا ،وان يساوى بينهما فى الأقبال وان يجلسهما بين يديه لا عن يمينه ،ولا عن يساره ،وان يسوى بينهما فى النظر ،والنطق والإشارة والخلوة ،وقد قال صلى الله عليه وسلم " " إذا أتاك أحد الخصمين وقد فقئت عينه فلا تحكم له، فربما أتى خصمه وقد فقئت عيناه "
كما تمتد المساواة بين الخصوم مهما كانت أجناسهم أو مراكزهم :أن نظام
الإسلام من دون كل النظم يتفرد بأنه لا يستثنى أحداً مهما كان شأنه من المثول أمام
القضاء حتى ولو كان الخليفة نفسه سواء حوكم بشخصه أو بصفته حكماً . ولا تعرف مبادئ
الشريعة العامة – كما لم يعرف تطبيقها على امتداد القرون – نظام المحاكم الخاصة فى
تشكيلها أو الخاصة فى إجراءاتها كما تعرفه القوانين الوضعية ، فلقد كان الخلفاء
ورعاياهم من المسلمين وغير المسلمين يمثلون أمام القاضي الذى يمثل أمامه عامة
الناس ، ويتبع فى إجراءات التقاضي ما ينطبق على هؤلاء كما ينطبق على غيرهم
الفرع الرابع
مبدأ المساواة في
العقوبة
الإسلام قرر توقيع العقوبة بدون تمييز بين الحكام والمحكومين ،وبغض
النظر عن الشخص مرتكب الجريمة
كما يشمل مجال العقوبات في الإسلام المساواة أمرين احدهما إيقاع
عقوبة مناسبة ومساوية لقدر الجريمة وظروف ارتكابها ،وحال الجاني ،ومقدار
الأذى الذى لحق بالمجنى عليه ،والترويع
الذى لحق بالمجتمع ،وثانيهما أن يكون
الناس أمام التشريع سواء ،فلا تمييز لاحد على الآخر، غنيا كان أو فقيرا ،سيدا أو
مسودا ،فاذا توافرت اركان الجريمة وجب العقاب أيا كان مرتكبها
كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ،وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا
عليه الحد ،وأيم الله ،لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها"
الخاتمة
1- تعددت مصادر الأحكام الشرعية والأوامر التكليفية من الله سبحانه
وتعالى ، حيث يظل الإنسان دائماً وفي كل مكان بحاجة إلى مبادئ السماء الموجودة في
القرآن الكريم ، والسنة النبوية
2-يعتبر مجيء الإسلام بتعاليمه الخالدة من كتاب وسنة، بمثابة نفحات
من السماء تهدف في المقام الأول إلى توطيد مكانة الإنسان على الأرض، وعلى ذلك يعد
الإنسان بصفة عامة أيا كان جنسه، أو لونه، أو مكانته السامية، هو أساس مبدأ
المساواة
3- تتعدد الأسس التي يقوم عليها الدين الإسلامي الحنيف، والتي لا
يتسع المقام إلى ذكرها جميعا ،حيث يعد مبدأ المساواة أصل العقيدة الإسلامية ، وهو من أهم المبادئ الإنسانية التي يحرص
الإسلام على تأكيدها والتمسك بها، ودعمها في مختلف نواحي الحياة المختلفة والشاملة،
ولذلك يعد مبدأ المساواة من أهم خصائص المجتمع الإسلامي دون تمييز فيما بينهم
4- لقد حرص الإسلام على تقريره لمبدأ المساواة ، فقرر أن جميع بني
الإنسان سواسية ، وأنه ليس هناك أي تفاضل في إنسانيتهم وإنما يجرى التفاضل بينهم
،على اسس كفايتهم واعمالهم وما يقدمه كل منهم لربه، ومجتمعه، ونفسه
5- أمر الإسلام بالمساواة في النظام القضائي ، واعتبره العدل المثالي
فيما بين جميع الناس مهما اختلفت أجناسهم، ولو كان الخليفة نفسه سواء حوكم بشخصه
أو بصفته حكماً ، وكذلك أمرنا الإسلام بتحقيق المساواة بين الخصوم فى المعاملة
6- مبدأ المساواة في مجال العقوبات يشمل؛ أمرين احدهما إيقاع عقوبة مناسبة ومساوية لقدر الجريمة وظروفها ،وحال الجاني
التسميات: افكار قانونية, التشريع الإسلامي, القانون والإسلام
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية